تحت عنوان “القدس جرحنا الذي لا يندمل”، خصصت رئاسة الشؤون الدينية في تركيا، خطبة الجمعة اليوم، لأجل مدينة القدس المحتلة، على خلفية قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الإعتراف بها عاصمة لإسرائيل.
وأعلن ترامب، في خطاب متلفز من البيت الأبيض، الأربعاء، اعتراف بلاده رسميًا بالقدس عاصمة لإسرائيل، والبدء بنقل سفارة بلاده إلى المدينة المحتلة، وسط غضب عربي وإسلامي، وقلق وتحذيرات دولية.
ولم يقتصر اعتراف ترامب على الشطر الغربي التابع لإسرائيل بموجب قرار التقسيم الأممي عام 1947 (كما فعلت دول مثل التشيك)، ما يعني اعترافه أيضا بتبعية الشطر الشرقي المحتل منذ عام 1967 إلى الدولة العبرية.
وهذا يمثل أيضا تأييدًا ـ لم تسبقه إليه أي دولة ـ لموقف إسرائيل التي تعتبر القدس “الموحدة” عاصمة لها.
وجاء في خطبة الجمعة الموحدّة في جميع مساجد تركيا:
القدس نور عيوننا، وحنيننا الذي لا يزول ولا ينتهي. والقدس مدينة مباركة مقدسة باسمها وما حوله، مدينة شهدت الكثير من الأنبياء والرسل وهم يلاقون الأمرين من أجل عقيدة التوحيد وتبليغ الدعوة.
والقدس هي القدس الشريف، أو باسمها الآخر، بيت المقدس. في القدس والمناطق المجاورة لها التي كانت مهد الحضارات على مدار آلاف السنين عاش العديد من الأنبياء من أمثال إبراهيم ويعقوب وموسى وسليمان وعيسى عليهم الصلاة والسلام. وبِحادثة الإسراء والمعراج كان سيدنا محمد (ص) آخر ضيف مبارك يزور القدس. وأول قبلة المسلمين هو المسجد الأقصى وهو في القدس.
إن القدس والمسجد الأقصى بشرى رسول الله (ص) وأمانته. والقدس هي المدينة التي يهواها ويعزها كل مؤمن. والقدس ليست أرضا كغيرها من الأراضي. والقدس ليست قضية تخص المسلمين الذين يعيشون في فلسطين وجوار المسجد الأقصى فحسب. بل هي قضية مشتركة تخص جميع المسلمين الذين يعيشون في فلسطين وجوار المسجد الأقصى، وفي كل أنحاء العالم على حد سواء.
إخواني الكرام
عاشت القدس في أمن وأمان بعد أن فتحها سيدنا عمر رضى الله عنه. وحكمها المسلمون بالعدل على مدى سنوات طويلة. وعاش الجميع في احترام متبادل دون التعرض لنفس أحد ولا ماله ولا دينه، حتى أن غير المسلمين كانو يعتمدون على عدل المسلمين في حل الخلافات التي كانت تنشب بينهم. لكن القدس اليوم جرحنا الذي لا يندمل، وألمنا الذي لا يهدأ. والقدس لم تعد دار السلام بعد أن تعرضت لهجمات شتى، ولم تعد تسكت الأسلحة في ديار الأنبياء، ولا يتوقف فيها قتل الأبرياء بهمجية ووحشية لا ترحم.
إخواني
يعيش المسلمون في القدس وما حولها في ظل ممارسات غير إنسانية كالقمع والعنف والعزلة. وتسلب حريتهم في الحياة والدين والفكر، ويتم النيل من هويتهم وشخصيتهم وعرضهم وشرفهم وكرامتهم. وبالأمس القريب منع المؤمنون من دخول المسجد الأقصى التي هي قرة أعيننا، واليوم يتم العمل على احتلال القدس وتهويدها.فهناك محاولات لاتخاذ القدس عاصمة لإسرائيل دون ان تقيم وزنا للإنسانية والأعراف والحقوق الدولية.
يجب أن نعلم أن هذه المبادرات الشنيعة ترمي إلى تحويل القدس وما حولها إلى منطقة للصراع والنزاع,وهذا النوع من المحاولات المنكرة التي لا يمكن قبولها، هي ضربة عنيفة لوجدان الإنسانية، وخطوة خطيرة لزعزعة الأمن والسلام.
إخواني الأعزاء
تعيش الإنسانية آلاما كبيرة بسبب العنف والظلم والحروب والهجرة. وهذه المحاولات المفتقرة إلى الإنصاف والوجدان، والبعيدة كل البعد عن البصيرة والفراسة والحكمة، والرامية إلى تهويد القدس، يثير قلق كل إنسان يملك حسا سليما. وما يجب علينا فعله إزاء هذه المحاولات هي أن نستنكرها ونرفضها رفضا تاما، وأن لا نرضى بالظلم والخطأ أينما كان وكيفما كان.
ومن الواضح البين ان هناك دروسا وعبرا يجب علينا أن نستخلصها من كل هذه الكوارث والمظالم التي تتعرض لها اليوم الجغرافية الإسلامية وإخواننا والإنسانية. فتعالوا نوطد سريعا من الصعوبات وآلام التي نعيشها. تعالوا نعش ديننا وقيمنا، ولعلمه لأجيالنا القادمة.
إخواني الأفاضل
حافظ شعبنا العزيز ولايزال على الروابط المعنوية التي تربطه بالقدس والمسجد الأقصى وإخواننا الفلسطينيين المظلومين. بهذا الوعي نتوجه إلى الله تعالى وندعوه في هذه الساعة المباركة من يوم الجمعة: اللهم اجعلنا من المسلمين المخلصين الذين يشعرون بآلام إخواننا المظلومين في العالم، ويضحون بجهودهم وأموالهم من أجل مساعدتهم.
اللهم لا تجعلنا من الظالمين المجردين من الفراسة والبصيرة والوجدان. اللهم لا تمكن الذين يريدون احتلال القدس والبلدان الإسلامية، ولا الذين يفسدون باسم الإصلاح، ويقضون على الأمن والسلام. اللهم تقبل دعاءنا بحرمة هذا اليوم المبارك”.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=35024