محمد عويس / خاص تركيا بالعربي
في البداية أحب أن أنوه على أن ما أسطره لحضراتكم من باب التحليلات السياسية واستقراء الواقع والنظر الى المستقبل ومآلات الأمور،محاولاً الإجابة عن بعض التساؤولات المشروعة وما سوف تؤول إليه الاحداث في مصر فيما بعد.
بعد الصمت الدولي والمساندة لما يحدث في مصر السيسي،واغفالهم عن الحقائق المشاهدة للعيان منذ الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو / تموز2013، وحتى الانتخابات المزيفة التي قابلها الشعب المصري بعزوف تام عن المشاركة،في مارس /آذار 2018 الماضي وحتى الآن، فكرت في أن أسجل كلامي وأطرح سؤالاً يطرحه الكثيرون ، بخصوص حالة ما بعد مرسي.
فالحديث عن حالة الرئيس مرسي وما سوف تؤول إليه الأحداث في مصر إذ لا قدر الله حصل مكروها له وبالخصوص “الوفاة” لهو جدير بالذكر في هذا المقام.
بيد أن الكثيرين ممن ينضوون تحت راية الشرعية والمناهضين للإنقلاب العسكري في مصر يتسائلون..،
ماذا لو مات الرئيس مرسي؟
ولعل الواحد منهم تحدثه نفسه كثيراً في هذه الخصوص،محاولاً البحث عن اجابة لهذا التساؤول لعله يجد من يجيبه.
وحتى لا يصطدم البعض منهم في واقع قادم لا محالة، أحاول هنا توضيح ثوابت معينة لهذه القضية مع فرض افتراضات جدلية تسوقنا إلى أمر واقع حتمي، وكيف تتصرف وقتها جماعة الإخوان المسلمون والقوى الوطنية الأخرى،إن حدث ما لا يحمد عقباه للرئيس مرسي.
حالة وجواب
تحدثت وسائل إعلامية محسوبه على النظام في مصر في وقت سابق وبالتحديد في فبراير 2015 عن وفاة الرئيس مرسي ،ما دعا أسرة الرئيس إلى أن توضح حقيقة هذا الخبر، فأكد نجله والمتحدث الرسمي للأسرة وقتئذ، “أنها أخبار كاذبة وأنه بحالة جيدة وأكد على أن الصفحة الرسمية للرئيس قد تعرضت لإختراق”.
وتحدث الرئيس بنفسه للمقربين ولهيئة المحاكمة المزعومة عن ظروف حالته الصحية وعن سوء المعاملة التي يتعرض لها داخل محبسة، وكذلك تحدث أسرته مرارا وتكراراً في أكثر من مرة عن تدهور حالته الصحية،والتي كان آخرها انها “تدهورة بشكل غير مسبوق” وما زالت تتحدث.
كما أكدت تقارير حقوقية كان آخرها، تقرير مكون من 50 صفحة،نشرت ملخصه صحيفة “الجاريان” البريطانية الصادر عن لجنة مشكلة من أعضاء في مجلس العموم البريطاني برئاسة السيد “كريسبين بلانت” على اثره اصدروا بياناُ في هذا الخصوص في 28 مارس/ آذار 2018، خلصت فيه اللجنة إلى أن الدكتور محمد مرسي يتم احتجازه في ظروف لا تفي بالمعايير الدولية المعروفة باسم “قواعد مانديلا”.
وترى اللجنة أن الدكتور مرسي، الذي يعاني من مشاكل صحية مزمنة مثل أمراض السكر، والكبد، والكلى، لا يحصل على الرعاية الطبية الكافية المطلوبة. وأن هذا يمكن أن يؤدي إلى وفاته المبكرة.
وفي هذا الصدد يتسآئل الجميع ممن هم داخل جماعة الإخوان المسلمون أوممن هم خارجها،ماذا لو مات الرئيس مرسي؟!!
يحيلنا الكلام للإجابة عن هذا التساؤل إلى، أن حياة الرئيس بلاشك تهم الجميع،وتحريره من قيود العسكر وجلوسه على عرش الرئاسة ضمن أولويات قائمة المطالب المشروعة، وكيف لا ؟ وهو الرجل الوحيد القادر على إفشال جميع المخططات التي حيكت لمصر منذ الانقلاب العسكري وحتى وقتنا هذا،وهو الوحيد القادر عدم الالتزام والاعتراف بأي اتفاقية أبرمت على حساب ثروات مصر ومقدرات شعبها.
يحيلنا أيضا الى تفنيد الأمر من الناحية الدستورية بالرجوع الدستور الشرعي 2012 والذي يتمسك به المناوئين للانقلاب العسكري في مصر، والتي تنص المادة 153 منه على :
“إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورة لسلطاته حل مجلس رئيس الوزراء (؟)، وفي حال خلو المنصب للاستقالة أو الوفاة أو العجز الدائم عن العمل أو لأي سبب آخر ، يعلن مجلس النواب (الشرعي) خلو المنصب ويخطر المفوضية الوطنية للإنتخابات،ويباشر رئيس مجلس النواب مؤقتاً سلطات الرئيس”.
ونحن هنا لسنا بصدد مناقشة ما سبق مما ورد في الدستور الشرعي لمصر من الناحية القانونية، في ظل هذا التواطئ الغربي ضد الرئيس المنتخب الذي ينتمي خاصة لـ”جماعة الاخوان المسلمون” الجماعة الاكثر نشاطا وامتدادا حول العالم،وهنا تكمن المعضلة.
ثوابت الإخوان في الصراع الدائر
الحديث عن استراتيجية وقناعة وثوابت الإخوان في الصراع الحالي، يتلخص في التمسك بشرعية الاستحقاقات الانتخابية عقب ثورة 25 يناير ومواجهة المعتدي بمدلول “حرب اللاعنف” والذي ينضوي تحتها الكثير من الوسائل والأدوات المساعدة على تحقيق هدف تعرية هذا الانقلاب ومحاولة كسره،مهما طال الزمن سواء كان في وجود الرئيس مرسي على قيد الحياة أو لا قدر الله شهيدا في سبيله.
قالحديث عن الثوابت الخاصة لجماعة الإخوان على حد ما أعلم، لهو أمر قائم على التضحية في مقابل دفع الظلم واحقاق الحق وسيادة العدل في ربوع البلاد ولا يقيده أشخاص ولا هيئات ولا جماعات.
كُتّاب وآراء
وتعليقاً على على ما يتعرض له الرئيس مرسي، ذكر المستشار أحمد مكي وزير العدل السابق في نوفمبر 2017 “أن كل ما يمس بحياة الرجل بات متوقعا للتخلص منه لأنه على ما يبدو هناك خوف منه، خاصة إذا أتيحت له فرصة الحديث، وكشف أسرار عملية القبض عليه، وما جرى عقب الانقلاب وما قبله”.
ويحضرني أيضاً كلام الاستاذ الكاتب وائل قنديل في تغريدة له على حسابه يوم الاثنين 22 مايو/أيار 2017 يقول فيها : ” لومضي 40 سنة على الرئيس مرسي في السجن وحتى لو لقى ربه فإن ذلك لا يمنح سلطة الواقع شرعية قانونية أو أخلاقية”.
لكن برأيي أن الصراع بهذه الطريقة يحتاج إلى نفس عميق ومصابرة وجلد ومدة ليست بالقصيرة، وليس لجماعة الاخوان في ظل هذا الظلم المستشري من الأمر شيء إلا ذلك.
إلا أن الامر ليس بهذه البساطة ولا يتوقف على هذا فحسب،إذا لو استمر الحراك بتصعيد مستمر وبأكثر فاعلية فإنه قد يكون سبباً في احداث شرارة لثورة جديدة نأمل أن تأتي في أقرب وقت.
ومن جانبه قال الكاتب المصري سليم عزوز في مقال له بتاريخ 9 مايو/أيار 2017 ” بقواعد الديمقراطية وتقاليدها فإن شرعية الرئيس مرسي قائمة لكن الانتصار لهذه الشرعية لا يكون إلا بثورة حقيقية تخرج فيها الجماهير وقرارها أنه لا عودة قبل الانتصار لشرعية الرئيس المنتخب”.
لكن ومع الأخذ بكل الوسائل للتحقيق هذا الهدف،يبقى الأمل في أمرين لا ثالث لهما :
الأول : يتمثل في إحداث انقلاب مدروس مماثل لتصحيح المسار بأقل الخسائر.
الثاني : ثورة شعبية حقيقية مفاجأة ذات هدف واضح،والرضوخ لها دون مقاومة وإلا فإن العواقب وقتها ستكون وخيمة.
وعلى هذا فإن العمل الذي يسير في ركبه الإخوان وغيرهم،هو مجرد استخدام لادوات ووسائل متاحه وممكنة عملاً بالأخذ بالأسباب وليس لديهم غيرها، في اطار الحرب “اللاعنف” أملاً في تحقيق المبتغى.
لا شك في أن ما حدث في مصر من أحداث عظام خلال الفترة الماضية وما تعرض له الرئيس المنتخب،سيخلده التاريخ أبدا الدهر لا محاله.
تنويه: (المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي تركيا بالعربي بل عن رأي كتابها)
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=50393
احمد سيد محمد دسوقيمنذ 7 سنوات
جيد ماشاء الله ولكن عسي الله أنبا يٌحدث له مكروه