فرضت الحرب الداخلية في سوريا منذ العام 2011 على السوريين أن ينتشروا في بقاع الأرض بحثًا عن الأمان وهربًا من الحرب التي أرغمتهم على اللجوء. السوريون في تركيا حققوا أكبر رقم من حيث اللجوء في دولة أجنبية، حيث تجاوز عدد السوريين الفارين من الحرب على الأراضي التركية 3 ملايين ونصف المليون.
يحظى السوريين في تركيا بخدمات عديدة من قبل الدولة هناك، مثل الصحة والعلاج والتعليم بشكل مجانيّ عبر بطاقة الحماية المؤقتة، والتي من خلالها تمكن 84% من الطلاب السوريين أن يلتحقوا بمؤسسات التعليم التركية، حسب تصريح وزير التربية التركي السابق عصمت يلماز.
استطاع الكثير من هؤلاء الطلاب أن يقدّموا نموذجًا صالحًا في بلد الغربة، على مختلف مستويات التعليم ابتداء من المرحلة الابتدائية وصولًا للجامعة والدراسات العليا. نموذج باتت تحتاجه الجالية السورية في تركيا كثيرًا وسط هجوم أطياف من المعارضة التركية على تواجدهم هناك، وإثارة العديد من الإشكاليات والتعميم، بسبب أخطاء يرتكبها بعض السوريين.
يكمن النموذج الصالح هذا في التفوق العالي الذي يحققه بعض الطلاب على أقرانهم الأتراك، مما يخلق فرصة للإشارة إلى فساد فكرة التعميم والسلبية التي يصرّ بعض المعارضين الأتراك على تسويقها.
هذا العام تمكن عدة طلاب جامعيين سوريين في تركيا من إحراز تفوق حقيقي حتى على أقرانهم الأتراك.
الطالبة السورية نورا بريمو، حازت على درجة الشرف الأولى بقسم الهندسة الحيوية بجامعة كرك كالي التركية، وقالت بريمو في حديث مع يني شفق “التخلي عن هدف أو طموح ما في بلدك، والاننتقال إلى بلد آخر والبدء من الصفر؛ هذا يعتبر من أكبر العقبات التي يمكن أن يواجهها الإنسان، ولكن تحويل هذا الظرف من شعور باليأس إلى عزيمة وإصرار ومحاولة النهوض من الصفر مكنني من النجاح”.
وأضافت بريمو، أنّ “شعور النجاح بدرجة الشرف هو شيء رائع للغاية، وبنفس الوقت هو مسؤولية تحتم على هذا الإنسان أن يستمرّ في طريق التفوق والنجاح”.
أما الطالب السوري أحمد نعنانة فقد أحرز الدرجة الأولى في كلية الطب بجامعة غازي عنتاب التركية، وعن كيفية تحقيقه هذا التفوق يقول نعنانة لـ يني شفق “الوصول إلى هذه المرحلة لم يكن هينًا، تطلب مني العمل الدؤوب، كما لا أنسى الدعم المعنوي والمادي من عائلتي، ولا أنسى أيضًا فضل أصدقائي وأساتذتي بالجامعة”.
الطالب نعنانة كغيره من الطلاب السوريين في الدول الأجنبية، واجه صعوبات اللغة والغربة والتكاليف، إلا أنه تمكن من اجتيازها حسب قوله. واعتبر أنّ نجاحه بالطب ليس معناه الحصول على شهادة وحيازة لقب طبيب، بل هو رسالة وعمل إنسانيّ.
من ناحية أخرى تمكن الطالب السوري نائل بوادقجي من إحراز المرتبة الثانية ضمن تخصصه في هندسة الحاسوب بجامعة حسن كاليونجي بولاية غازي عنتاب التركية.
في الحقيقة ليس هذا التفوق بدعة لهذا العام الدراسي الأخير فحسب، بل على مرّ الأعوام الدراسية السابقة كان هناك طلاب سوريون يحوزون المرتبة الأولى ضمن تخصصاتهم. الطالب السوري محمد زمزم على سبيل الثمال، تمكن من النجاح وحيازة الدرجة الأولى، في هندسة الميكاترونكس بجامعة يلدز التقنية بإسطبنول العام الماضي 2017.
كما تمكن من قبله الطالب السوري حسين نجاز من إحراز المرتبة الأولى ضمن تخصصه بقسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة 7 أوجاك.
أيضًا الطالب السوري معتصم عبد اللطيف، حاز على الدرجة الأولى ضمن تخصصه بقسم الحواسيب والمعلوماتية في جامعة سكاريا.
يجدر بالذكر أن الطلاب السوريين الذين يتلقون تعليمهم في الجامعات التركية يصل عددهم إلى 20 ألفًا وفق إحصائيات للعام الدراسي المنصرم، منهم ألفان يتلقون تعليمهم في جامعات خاصة، كما يجدر بالذكر أن الحكومة التركية أعطت أولوية للطلاب الجامعيين في مسألة منح الجنسية التركية.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=61267