أدخل اللاجئون السوريون عادات غريبة إلى المجتمع التركي فيما يخص عقود الإيجارات السكنية أو التجارية، كان لها مفعول سلبي على السوريين عامة، واستفاد منها السماسرة والوسطاء من الانتهازيين الذين يهتمون بمصالحهم المادية فقط.
تعدد أسباب اللجوء
غالبية اللاجئين السوريين إلى تركيا قدموا هرباً من الاعتقال والموت والتدمير الذي مارسه نظام الأسد بحق السوريين الذين اعتبرهم مجرمين لمطالبتهم بالحرية.
وهناك فئات ليست قليلة مؤيدة لنظام الأسد، ولكنها أتت من أجل متابعة استثماراتها التجارية التي توقفت في المناطق المحررة، وفي مناطق سيطرة النظام، مع مجموعة كبيرة هربت من الخدمة العسكرية في جيش الأسد خوفاً من الموت وهي بالأصل موالية له، بالإضافة إلى عملائه الذين أرسلهم لمضايقة الأحرار وإرهاقهم.
في بداية اللجوء نهاية عام 2011 كان بدل الإيجار يتراوح بين 150 و400 ليرة تركية حسب جودة المنزل وموقعه، ولكنه ارتفع ليصل في عام 2017 إلى أرقام فلكية تفوق ألف ليرة في معظم الأماكن.
السمسار يفرض “الكومسيون” ويرفع الإيجار
ومع تزايد عدد الوافدين ظهرت فئة من السوريين الانتهازيين، لجأت للعمل بالوساطة بين السوري الوافد حديثاً الباحث عن منزل للسكن ومكاتب الإيجار، وفرضوا على اللاجئ دفع مبالغ لم تكن معروفة في المجتمع التركي، تعادل إيجار شهر كامل عن كل عقد، يتقاضاه االسوري الوسيط (كومسيون).
رحبت المكاتب التركية بفكرة الوسيط، مقابل مساهمته برفع قيمة الإيجار الشهرية على السوريين، مما يزيد من مردودهم المادي الذي يتقاضونه من مالك العقار، وهو يعادل أيضاً بدل شهر كامل.
“حسب العادة التجارية التركية قبل دخول الوسيط لم يكن يقع على عاتق المستأجر دفع أي مبلغ مقابل استئجاره لصالح المكتب، وإنما كانت أجور المكتب تقع على عاتق المؤجر، ولم يكن المستأجر مكلفاً سوى بدفع مبلغ صغير، يعادل قيمة فواتير الماء والكهرباء لشهر واحد كضمان لتبرئة ذمته عند ترك المأجور، وكانت المكاتب تتولى دفع الفواتير العادية وتحاسب بها المستأجر دون أي مقابل منه، ولكن مع دخول الوسيط الذي أصبح يتولى الدفع أصبح يتقاضى أجراً خاصاً عن كل فاتورة يدفعها لصالح المستأجر وهذا سبب عبئاً إضافياً على السوريين”، وفقاً لما قاله مراد عثمان، صاحب مكتب للوساطة العقارية في هاتاي لـ “اقتصاد”.
المضاربة ترفع الإيجار
وأيضاً حدثت حالات كثيرة تسبب بها أصحاب الأموال السوريين بدفعهم مبالغ كبيرة مقابل إيجار منازل تحظى بإعجابهم ولو تسبب بإخلاء المستأجر السوري الفقير منها.
استأجر أبو أحمد في نهاية عام 2013 منزلاً في مدينة انطاكيا بمنطقة “أغاسيا” بمبلغ 450 ليرة شهرياً، ودفع الكومسيون 450 ليرة، ودفع بدل إيجار شهري 450 ليرة أيضاً عن طريق وسيط سوري، وبقي المفتاح مع الوسيط لتنظيفه.
عاد أبو أحمد إلى سوريا وأحضر عائلته، وعندما ذهب إلى المكتب ليجلب المفتاح من الوسيط فإذا به يعيد له مبلغ الكومسيون والإيجار، ويخبره بأن المنزل قد تم تأجيره لسوري آخر، رفع قيمة الإيجار إلى 650 ليرة لأن له محلاً لبيع الأدوات المستعملة قريباً من المنزل.
الفروغ التجاري
أدخل السوريون أمراً آخر كان له تأثير سلبي على اللاجئين الذين يرغبون بتأمين فرصة عمل لهم، من قبيل، “فتح محلات سمانة أو غيرها من الخدمات”، تعينهم على تأمين دخل لأسرهم.
حيث أدى تدخل السمسار إلى فرض ما يسمى بالعرف التجاري في سوريا “الفروغ” على المحلات التجارية لأي راغب باستئجار محل ولو كان صغيراً، بالإضافة إلى بدل الإيجار الشهري مع التأمينات الضرورية.
وهذا العرف لم يكن معروفاً من قبل في تركيا، حيث تخضع عقود الإيجار إلى القانون التركي الذي يلزم المستأجر عند نهاية مدة العقد بإخلاء المأجور وتسليمه بريء الذمة إلى المؤجر.
ومما ساهم في انتشار عرف الفروغ، الإقبال الكبير للسوريين على الأعمال التجارية، وكثرة الطلب على المحلات وخصوصاً من أصحاب الأموال القادمين للاستثمار.
المصدر: اقتصاد
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=15549